الحمد لله رب العالمين، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، والصلاة والسلام على نبينا الأمين محمد -صلى الله عليه وسلم- أما بعد
فإنّ صحيح البخاري من أهم المصنَّفات في الحديث النبوي الشريف؛ بل عدّه العلماء أصحَّ كتاب بعد كتاب الله -عز وجل- لما يحتويه من أحاديث منسوبة للنبي -صلى الله عليه وسلم- هي من أعلى درجات الصحة والتي لا يُشكُّ أبدًا في صحتها.
لذا، انكبَّ العلماء والباحثون وطلبة العلم ينهلون من هذا المصنّف ويدرسونه فقهيًّا، وعقديًّا، ولغويًّا، ونحويًّا، وتعددت شروحاته، وكثرت الأبحاث العلمية التي تناولته في شتى المجالات والفنون.
من هنا، فقد جاءت هذه الدراسة لتتناول جانبًا جديدًا في كتاب صحيح البخاري في دراسة جديدة متواضعة، عنوناها بـ (سيميائية اللغة الصامتة للعين في صحيح البخاري)؛ وقصدنا باللغة الصامتة: لغة الجسد وتعبيرات الوجه والعيون واليدين والأرجل ودلالاتها.
ويعد هذا الموضوع من الموضوعات الجديدة في طريقة البحث العلمي، ويعدُّ تطويرًا لمسيرته بما يتناسب والحياة البشرية التي تتطور، ولا تقف عند حد معين.
تستعرض هذه الدراسة الوظيفة الدلالية للغة الصامتة بوصفها من أهم وسائل الاتصال والتفاهم بين بني البشر.
وتدلل هذه الدراسة على أن الكلام ليس الوسيلة الوحيدة التي نعبر بها عن أنفسنا، فهناك ما يعرف باللغة الصامتة، فكثيرًا ما نتحرك ونعبر عما نقول بحركات وإيماءات معينة في أثناء الحديث مع الآخرين، وكثيرون يأتون بحركات لا إرادية قد تكون لافتة، وقد لا نلاحظها بوضوح، فحينما تتصل بالآخرين فإنك تتصرف بطريقتين للتعبير، وهما: الكلام والإيماء.
وتركز الدراسة على وظائف اللغة الصامتة ودلالاتها، وتطبيق ما تُوصِّل إليه نظريًّا على الحديث النبوي الصحيح؛ لذا اقتضت طبيعة البحث الاعتماد على المنهج الوصفي القائم على الاستقراء والبحث والنظر والتحليل في الأحاديث النبوية في صحيح البخاري، من خلال استخراج الأحاديث التي تحتوي إشارات غير لفظية، وعرضها بأسلوب سهل وميسر من خلال استخراج الدلالات والمعاني التي تحملها، كل في موضعه المناسب، ثم معرفة آراء العلماء فيها من خلال المصادر القديمة والحديثة.