ما يصح تبعًا ولا يصح استقلالًا دراسة تحليلية لغوية
Abstract
] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا [([1]) والصَّلاةُ والسَّلام على أشرف المرسلين سيدّنا مُحَمَّدٍ وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين,ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين. اللّهُمَّ أرني الوجه الذي ترضى, وخذ بناصيتي إلى البّرِ والتقوى, وأرزقني الفهم وأعني على نفسي واجعل لي من نورك نورًا في حياتي وعند مماتي , وفي قبري ويوم ألقاك .
أمَّا بَعْدُ...
فإن اللُّغةَ العربيةَ هي أسمى اللغات ربيبةُ القرآن الكريم, وهي وجه الفكر الظاهر للملأ، وهي خاصية من أبرز خصائص الأمة, ومرآة حضارتها,وعامل مهم من عوامل وحدتها. وكل أمة تعتز بشخصيتها وتفخر بذاتها, تهتم بلغتها وتحافظ عليها محافظتها على أبنائها.
فهي وإن كانت لا تخرج في ظاهرها عن حروف وكلمات فإنَّ لها في شكلها المنطوق أو المكتوب تأثيرًا لا يعادله تأثير في نفوسِ أبنائها , فكم من مقال أو خطاب غيَّر وجه التاريخ.
وهي أصوات يعبر عنها كلُّ قومٍ عن أغراضهم كما يقول ابن جنى([2]) : ( أمَّا حَدُّها فإنها أصواتٌ يُعبر بها كلُّ قومٍ عن أغراضهم).
وفي لسان العرب: اللُّغةِ : اللُّسُن، وحدها أنها أصوات يعبر بها كلُّ قومٍ عن أغراضهم , وهي فُعْلة من لغوت ([3]) .وحدَّها بعضهم([4]) بقوله : " هو الكلام المصطلح عليه بين كلّ قبيلة , وهي فُعْلة من لغوت أي تكلمت , ولها حدود أخرى منها أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن مرادهم "([5]).
واللغة العربية هي اللُّغة التي شرفها اللهُ فأنزل بها كتابه, وضمن لها الحفظ والخلود حين قال:
]إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[([6])، وهي الجامعة لهذه الأمة, وهي وعاء الحضارة والعلم,وهي لسانُ العقل , وطريق الفكر,فاللغةُ والفكر عنصران متداخلان يؤثر كل منهما في الآخر,وعن طريق اللغة يكون التفاهم والتواصل, لذا فإنَّ نموَّ لغتنا وازدهارها وقيامها بدورها الفكري هو مَعْلَم بارز من معالم حياتنا الحاضرة, وطريق أساسي من طرق بناء المستقبل, وكلما ارتفعت اللغة إلى مستوى الفكر ارتفعت الحضارة , فلا حضارة من دون لغة.
ولأهمية اللُّغة العربية,والنحو والتصريف اخترت هذا الموضوع (ما يصح تبعًا ولا يصح استقلالًا دراسة تحليلية لغوية ).
فهذا البحث يتناول موضوعًا حيويًّا متجددًا في ميدان الدّراسات اللغوية لما يمثله من ارتباط عضوي لا شكلي بالتركيب اللغوي , لكونه عنصرًا أساسًا يدخل في تركيب البُنَى , ويسهم في إنتاج الدلالة الخاصة.ويحتوي هذا البحث على جانبين , أولهما : استقرائي لاستخراج الشواهد والأدلة, والثاني تحليلي تطبيقي على الشواهد والأدلة المستنبطة.
وقد احتوى هذا البحث في مقدمة, وتمهيد, وفصل.