مناهج علماء الأندلس في العقائد
(توحيد الأسماء والصفات)
الكلمات المفتاحية:
علماء الاندلس، مناهج علماء الاندلس، العقائد في الاندلس، علم الكلام.الملخص
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد
فمن خلال اطلاعي على كتب فقه وتاريخ وأدب وتفسير علماء الأندلس وجدت بحراً زاخراً ـ في ذلك البلد المفقود ـ بأنواع من الدرر في شتى العلوم الشرعية وغيرها.
ولقد اجتهدت أن أجمع كل ما يتعلق بأمور العقائد والفرق؛ فاجتمع لي قدر كبير من المعلومات القيمة في هذا الباب من الكتب القديمة المخطوطة والمطبوعة ، مع العلم أنه كتب في بعض رجالات الأندلس من الفقهاء والعلماء رسائل علمية قيمة منها: رسالة في ابن عطية من جامعة الإمام ، وابن حزم من أم القرى ، والشاطبي من الجامعة الإسلامية ، والقرطبي ابن فرح من جامعة الإمام ، وابن العربي من جامعة الملك سعود ، وابن عبد البر من الجامعة الإسلامية وجامعة الإمام ، ولكنها تناولت بعض هؤلاء الأفذاذ بدراسة كل فرد على حدة في كل كتاب منها ، وهو جهد كبير مشكور من هؤلاء الباحثين ، ومع ذلك فلا يوجد من العناية والكتابة عن علماء الأندلس بالقدر الذي يبين جهدهم على حقيقته ، إذ الدراسات في هذا الباب لا تزال محدودة جداً ، ولذا آثرت أن أسهم في كشف هذا الجزء المهم من هذا التاريخ الحافل بأنواع العلوم وبمجموعات كبيرة من العلماء الأفذاذ، لا سيما ما يتعلق بعقائد أهل بلاد الأندلس.
ومما لا شك فيه أن الأندلسيين أبدعوا في شتى أنواع العلوم ، وتأثروا إلى حد كبير بأهل المشرق من الحجازيين والشاميين والعراقيين وغيرهم ، في أصناف الفنون ، فتجد منهم من يقلد الفقهاء في فقههم ومن يقلد الشعراء في شعرهم والمحدثين في حديثهم والأشعرية في أشعريتهم والمعتزلة في اعتزالهم..الخ ، وكأنك أمام صورة مكررة من بلاد المشرق في كثير من الجوانب.
وهذا البحث في العقائد الأندلسية ما هو إلا جزء من سلسلة في هذا الباب ستأتي تباعاً وتنشر بحول الله وقوته. وقد أردت أن أجعله في باب الأسماء والصفات ، وأوردت وتتبعت أراءهم واستخلصت النتائج في نظرات عديدة في منهجية كل منهم رحمهم الله.
ومن البديهي لطالب العلم أن يجد جل هؤلاء العلماء قد سلك مسلك المتكلمين في تأويل الصفات وإثباتها ؛ لأن هذا المسلك الكلامي شاع في العالم الإسلامي في تلك الأزمان ، وكان الغريب النادر من لا يعرف علم الكلام من طلبة العلم ، ويعتمد الحديث والأثر في ذلك. ومع هذا فلهؤلاء العلماء الباع الطويل في حفظ الشريعة والدفاع عن المسلمين والرد على أهل البدع. كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في حق بعض علماء الأندلس لما تكلم على عقائدهم ، فقال مبيناً ومنصفاً :
»على طريقة ابن خزيمة وأمثاله من أهل الحديث وأهل المغرب كانوا يحجون فيجتمعون به ويأخذون عنه الحديث وهذه الطريقة ويدلهم على أصلها فيرحل منهم من يرحل إلى المشرق كما رحل أبو الوليد الباجي فأخذ طريقة أبي جعفر السمناني الحنفي صاحب القاضي أبي بكر ورحل بعده القاضي أبو بكر بن العربي فأخذ طريقة أبي المعالي في الإرشاد ثم إنه ما من هؤلاء إلا من له في الإسلام مساع مشكورة وحسنات مبرورة وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف أحوالهم وتكلم فيهم ويعلم وصدق وعدل وإنصاف«( )
فهذا ميزان الاعتدال في خلق العلماء وطلبة العلم مع المخالف في العقائد ممن يمكن أن يتأول له، فما بالك بالفروع أو المسائل الفقهية أو الاجتهادات الدعوية أو المسائل الأخرى.. تفهم كامل وإنصاف مع الخصوم وبيان لما أصاب فيه من الحق ولما أخطأ فيه إخوانه من العلماء وطلبة العلم. هذا في مسائل لو رآها هؤلاء الأخيار لانتقصوا عقل من اشتط فيها على إخوانه ورموه بالشدة والغلظة.
ومهما يكن من أمر فما هؤلاء العلماء إلا بشر يخطئ ويصيب، فمن اجتهد ووافق الحق فأصاب فله أجران ، ومن أخطأ فله أجر واحد ، تبعاً للقاعدة الشرعية ، كما لا يعني التماس العذر والتأول لهم والدعاء لهم بالمغفرة أن لا نبين أن العالم أو الفقيه أخطأ في مسألة كذا وكذا ، بل المنهج الحق بيان ذلك ، كما علمنا من منهج علماء السلف الصالح رحمهم الله.
وفي نهاية هذه التقدمة لا بد من الإشارة والتنويه إلى أن هذا البحث قد جاء في مقدمة وتمهيد واثني عشر فصلاً على النحو التالي:
المقدمة
التمهيد
الفصل الأول: أبو الوليد الباجي ومنهجه في الصفات
الفصل الثاني: ابن عطية ومنهجه في الصفات
الفصل الثالث: ابن حزم ومنهجه في الصفات
الفصل الرابع: الشاطبي ومنهجه في الصفات
الفصل الخامس: القرطبي المفسر ومنهجه في الصفات
الفصل السادس: ابن خلدون ومنهجه في الصفات
الفصل السابع: ابن العربي ومنهجه في الصفات
الخاتمة
الفهارس
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم