الأداء الجسدي للمدرس وأقنعة المقاومة: مقاربة إثنوغرافية للتجربة الفصلية

الملخص

يرتبط أداء المدرس، من الناحية البيداغوجية، بمهام تربوية يقوم بها داخل جماعة فصل، وتحددها تعاقدات قبلية مبنية على استراتيجيات مؤسسة الدولة، وتصورها لمفهومي المدرس والمتعلم؛ لكن صيرورة التجربة الفصلية لا تجري بشكل آلي، وإنما تحددها علاقات تفاعل عاطفي وجسدي تتأرجح ما بين الإعجاب والعنف، وما بين القرب والمسافة، وما بين الكوميك والفعل التراجيدي.  تقودنا هذه المفارقة إلى البحث في أداء جسد المدرس، وفي أقنعته باعتبارها شكلا من المقاومة داخل التجربة التربوية، إذ يعبر المدرس بجسده عن وعي أو عن غير وعي في فعل الصمت والكلام، والحركة والسكون، ويتوسل أقنعة متعددة في مختلف الوضعيات والأدوار التي يتقمصها، أو يحاول ذلك على الأقل؛ كما يعتبر المدرس موضوع فرجة بالنسبة إلى المتعلمين، ويتحدد أداؤه وفق تفاعله معهم.

نتوسل في ذلك، مقاربة اثنوغرافية تستخلص مقولات جسد المدرس داخل التجربة التربوية بالتعليم الثانوي في المدرسة المغربية، وذلك في ضوء حساسية نظرية مستمدة من دراسات اهتمت بالسلوك الجسدي للمدرس انطلاقا من مفهومي التمسرح والأدائية.  وتبئر الدراسة تمسرح الجسد بالنسبة إلى العينة المبحوثة من المدرسين، وأدائيته بالنسبة إلى المتعلمين، بناء على ثلاثة نماذج معيارية idéaltypes: جسد سلطوي يروم تكريس السلطة الصورية للأستاذ على الفصل، وجسد عاطفي يعكس ذاتية المدرس واندماجه العاطفي داخل التجربة، ثم جسد جمالي يدبر من خلاله المدرس الممثل أقنعته السلطوية والعاطفية.